26/04/2008
مشهد هزلي لا يصلح للضحك
كيف سيخبرها
و هْو المتشح ببرد الليل /
يدق الباب /
يعدِّل بسمته الصفراء /
يشد جنانه ْ
كيف سيخبرها
و هي المسكونة بالفرحة
للقاء ٍ دون مواعيد ٍ
و حبيب ٍ و هْي بمفردها
و رداء النوم يضئ جنانه ْ
كيف سيخبرها
و اللهفة مسحت كل نعاس الليل
و مدت كفيها للقادم خبزًا و نبيذًا
و أضاءت نور السلم بخفوت الهمس
ليخطو
و تساءل رمش العين اليمنى
- عند غياب الرد -
أيرفض نشوان ٌ حانة ْ؟؟!!
كيف سيخبرها
و القدم تزل إلى الداخل
أن السبب وراء مجئ القادم
ألم مثانته الملآنة ْ
لن يحكي عن بحث ٍ طال بلا معنى
أو صاحب مقهًى أخرجه
أو جامع أغلق
أو شرطيا ً أوقفه
و هو يهم ببل الحائط
فجرى عريانًا
مصحوبًا باللعنات
و سماجة أعمدة الضوء إليها
رُبَمَا يُسمعها آخر ما يكتب
أو يشكو من ظلم أبيها
إن لم تغلق باب الرحمة
- بعد سباب ٍ محترم ٍ-
فيعود إليه بلا ألم ٍ
مقتنعًا جدا ً
أن البلل الساكن في البنطال حديثًا
عَرَق مهانة ْ
25/04/2008
توازي -محاولة لاستدعاء موضوع -
لم تتغير وجهة نظري تجاه الزمن / الوقت / العمر
منذ قلت في نص ٍ ما " الوقت لا يهب الوصول "
اللحظات ستأتيك بما تحمله لك شئت أم أبيت
ربما من هذا المنطلق كان لزاما ً علينا أن نحتاط لما هو آت ٍ
ففي نفس اللحظة يولد البعض و يموت البعض الآخر
يضحك البعض و يعبس البعض الأخر
الأمر الذي يعبث في رأسي من وقت لآخر ماذا لو نمتلك "ريموت كونترول" اللحظات القادمة
الذين شاهدوا فيلم " كليك " قد يتفهمون قصدي قليلا
سنغير القادم أم سنتركه كما هو
هل سنكون أسعد أم أشقى
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اللحظات واحدة و الحدث يختلف على مستوى الشخص الواحد أو على مستوى البشر عامة
فأنت في تلك اللحظة لن تكون أنت تماما في ذاتها غدا و لم تكن أنت تماما في ذاتها أمس
أنت في تلك اللحظة تفعل ما لا أفعله أنا تماما حيث أني أفعل ما لاتفعله أنت الآن
الوقت ثابت إذن و نحن المتغير دائما في معادلة محصلتها النهائية صفر
أشعر أني ثرثرت كثيرا ربما بلا طائل
و لكن ....
في نفس اللحظة التي يتحمل فيها هذا الهندي المشاق و الصعاااااااااااااااااااااااااااااااب من أجل قوت يومه
يتابع كلب البحر دروسه في الرسم في هدوء
" أكيد لا زم نحتضن المواهب الشابة دي "
في نفس اللحظة التي يزهو فيها هؤلاء بعرباتهم الـ" إم بي كارو "
يستخدم هذا المزارع عربته المرسيدس في الحقل " أزمة حمير يظهر "
في اللحظة التي تحتفل بها أكبر معمرة في العالم بعيد ميلادها الـ "115 "
*****
في نفي اللحظة التي لا يأمن فيها هذا اللاعب على نفسه
يأمن هذا الثعبان على نفسه
في نفي اللحظة التي يقضي بها هؤلاء الأطفال الويك إند في كتاب جمل الذكر على الرؤوس البيولوجية
يقضي هذا الطفل الويك إند في جمل كسرات خبز تشبعه
جئت، لا أعلم من أين، ولكنّي أتيت
ولقد أبصرت قدّامي طريقا فمشيت
وسأبقى ماشيا إن شئت هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!
أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود
هل أنا حرّ طليق أم أسير في قيود
هل أنا قائد نفسي في حياتي أم مقود
أتمنّى أنّني أدري ولكن...
لست أدري!
وطريقي، ما طريقي؟ أطويل أم قصير؟
هل أنا أصعد أم أهبط فيه وأغور
أأنا السّائر في الدّرب أم الدّرب يسير
أم كلاّنا واقف والدّهر يجري؟
لست أدري!
ليت شعري وأنا عالم الغيب الأمين
أتراني كنت أدري أنّني فيه دفين
وبأنّي سوف أبدو وبأنّي سأكون
أم تراني كنت لا أدرك شيئا؟
لست أدري!
أتراني قبلما أصبحت إنسانا سويّا
أتراني كنت محوا أم تراني كنت شيّا
ألهذا اللّغو حلّ أم سيبقى أبديّا
لست أدري... ولماذا لست أدري؟
لست أدري!
*****
كم قصور خالها الباني ستبقى وتدوم
ثابتات كالرّواسي خالدات كالنّجوم
سحب الدّهر عليها ذيله فهي رسوم
مالنا نبني وما نبني لهدم؟..
لست أدري!
لم أجد في القصر شيئا ليس في الكوخ المهين
أنا في هذا وهذا عبد شك ويقين
وسجين الخالدين اللّيل والصّبح المبين
هل أنا في القصر أم في الكوخ أرقى؟
لست أدري!
ليس في الكوخ ولا في القصر من نفسي مهرب
أنّني أرجو وأخشى، إنّني أرضى وأغضب
كان ثوبي من حرير مذهب أو كان قنّب
فلماذا يتمنّى الثوب عاري؟..
لست أدري!
سائل الفجر: أعند الفجر طين ورخام؟
واسأل القصر ألا يخفيه، كالكوخ، الظّلام
واسأل الأنجم والرّيح وسل صوب الغمام
أترى الشّيء كما نحن نراه؟..
لست أدري!
******
كلّ يوم لي شأن ، كلّ حين لي شعور
هل أنا اليوم أنا منذ ليال وشهور
أم أنا عند غروب الشمس غيري في البكور
كلّما ساءلت نفسي جاوبتني:
لست أدري!
ربّ أمر كنت لّما كان عندي أتّقيه
بتّ لّما غاب عنّي وتوارى أشتهيه
ما الّذي حبّبه عندي وما بغّضنيه
أأنا الشّخص الّذي أعرض عنه؟
لست أدري!
ربّ شخص عشت معه زمناألهو وأمرح
أو مكان مرّ دهر لي مسرى ومسرح
لاح لي في البعد أجلى منه في القرب وأوضح
كيف يبقى رسم شيء قد توارى؟
لست أدري!
ربّ بستان قضيت العمر أحمي شجره
ومنعت النّاس أن تقطف منه زهره
جاءت الأطيار في الفجر فناشت ثمره
ألأطيار السّما البستان أم لي؟
لست أدري!
رب قبح عند زيد هو حسن عند بكر
فهما ضدّان فيه وهو وهم عند عمرو
فمن الصّادق فيما يدّعيه ، ليت شعري
ولماذا ليس للحسن قياس؟
لست أدري!
النص الكامل موجود على موقع أدب لمن يريد المطالعة
18/04/2008
كأنه أنا
لا شئ يستدعي الأسفْ
بخسوف عينيك سأبدأ من جديد ٍ رحلتي نحوي
أفكر في قضاء ٍ ممتع ٍ للوقت ِ
قد أصطاد إحداهن نقتسم التماهيَ
و الحديث /
زجاجة ً بالدَّيْن /
فوضانا
سأخبرها بأني لا أريد سوى التسامر
قد تكون جميلة ًفأحبها
شجوية ً فأعيرها رأسي و أبكي
أو تكون محبة ً للشعرنقتسم الغناء
فأقتفي أثر القصائد في يديها
تقتفي أثر القصائد في يدي َّ
فنأتلفْ
بل قد تكون غبية ًلا تستطيع تفهمي
أنضو ثياب قصائدي
و أشيع شرياني
فيأخذها التثاؤب أو تحك جبينها
فمها سيحمل دهشة ً بالكاد و هْي تعبه بالأكل
تنزفني القصائد في يديها
و هْي ترتجل الأغاني /
تلتقي التلفاز في فرح ٍمقيت ٍ /
تحتسي شيئًا و ترقص
فوق جثة من نزفْ
ليس المناخ مناسبا ً للقتل أو سفك الدماء
لذا سأدعو بعض أصحابي
لنقتسم التنافر
قد تكون زجاجتي سبب المجئ
و قد يكون تجاوبا ً لتمسكي
أو مالئين فراغهم بالنَيل من صب ٍ خَرِف ْ
سرعان ما سأمل دور مهرج ٍ
- كي يفرحوا-
و ببعض تمثيل ٍسأفتعل النعاس
فيرحلون بأي وصف ْ
قد أكتفي بتوحدي
من للوحيد سواه يحنو
فرصة ٌ ...
من فترة ٍ لم ألتق الوجه المغبر بالمرايا
قد يكون مسليا ً
لمَّا تساورني المخاوف حين جاء بغير وجه ٍ
- لا تخف ...
طمأنتني
سأعيد رسمي من جديد ٍ
كنت ألقاني كثيرا ً
سوف أجمعني من الورق المبعثر /
من ملاءات السرير /
مواقع الشات /
التسكع في ضفاف حبيبة ٍ
تأبى المرايا مطلبي
- سأعود لي أنَّى تخاتلني يداي َ
فربما خبئتني في دفتر ٍ و نسيت أمري
أو ذهبت لموعد و البنتَ لكن لم أقل ْ
يا أنت لا تتأسفي
لا شئ يستدعي الأسف ْ
سأعيد رسمي من جديد ٍ
أستعيد ملامحي شيئا ً
و لو لم أستطع
سأعيد رسمي من جديد ٍ
أو أموت
11/04/2008
04/04/2008
عن يشبهني تمام الشبه
من فترة و أنا أمارس حالة من الغياب اللا مبرر
ربما احتياج لحالة الأوف لاين
و لكن أطمئن من يهتم - إذا كان هناك من يهتم - أني ما زلت قادرا على التنفس
هي إجازة سلبية من الحياة و ربما أعود منها
بالمصادفة و أنا أبحث في إيميلي المكتظ عن شئ ما وقع تحت يدي إيميل قديم من الشاعر العزيز محمد سالم رفيق رحلة النشر عن طريق ورقة و قلم و الفائز بديوانه العامي " هنجراني " بفتحه اكتشفت أنه أرسل فيه رأيه تجاه ديواني " يشبهني تمام الشبه " فذكرني هذا بوعد أخذناه بتبادل الآراء
أود أن أنقله كما جاء
ربما احتياج لحالة الأوف لاين
و لكن أطمئن من يهتم - إذا كان هناك من يهتم - أني ما زلت قادرا على التنفس
هي إجازة سلبية من الحياة و ربما أعود منها
بالمصادفة و أنا أبحث في إيميلي المكتظ عن شئ ما وقع تحت يدي إيميل قديم من الشاعر العزيز محمد سالم رفيق رحلة النشر عن طريق ورقة و قلم و الفائز بديوانه العامي " هنجراني " بفتحه اكتشفت أنه أرسل فيه رأيه تجاه ديواني " يشبهني تمام الشبه " فذكرني هذا بوعد أخذناه بتبادل الآراء
أود أن أنقله كما جاء
*****
1- نافذة لا تطل على البحر
أبـِضدها تتميز الأشياءُ ؟؟!
إن كان هذا صحيحًا ، فالنافذة –لابد- تطل على كيان آخر غير البحر ..
ربما يود الشاعر أن يصدم متلقيه منذ البداية ... أنت اعتدت أن يكون معيار جمال النافذة الواقعية هو إطلالها على بحر ٍ ، فسقية ٍ ، حديقة ٍ ، إو إلى آخر هذه المسرات .. لن تجد شيئًا من هذا في نافذتي .. ربما تتطلع من خلالها إلى نفسي أنا .. إلى أناي التي ربما لم تهمك قبل الآن في شيء ..
السقوط للأعلى : تصدير القصيدة بافتراض المستحيل ، يجعل من التحدي أمرًا حتميًا .. فهذا المخاطب الذي جرده الشاعر من ذاته – الساقط لأعلى – يتحدى باتجاه سقوطه قوانين الفيزياء (لعبًا على الدلالة الأولى الواقعية لجملة التصدير) و حدود السجن (الذي لابد يقيد حركة شاعرنا لأعلى .. ربما يكون سجنًا دون إدراك الشاعر لما يود إدراكه أو ربما هو حجابه عن الحقيقة ، فهذه من الدلالات الثواني) ، ثم إنه يتحدى بسقوطه ذاته (بغض النظر عن اتجاهه) دعاء أبيه كذلك ...
ثم إنه خلال فعل السقوط الحر هذا (أكبر دليل ٍ على حريته تحديه لكل هذه المحاذير) ، يتمكن من صوغ الموجودات و الأحداث من حوله حسب رغباته هو ، فيحذف من تاريخه ما يشاء أن يحذفه ، و يشاء أن يعاند نفسه فيعيش هزيمته مرة ً أخرى (و يعيد الخـُـفَّ بأمر ِ حُنين) إمعانًا في اقتناص فرصة التحرر .. و يحول أحزانَه إلى شيءٍ هزليٍّ مضحكٍ يستطيع أن يوزعه على المحيطين به و يلون به بيض شم النسيم !
ثم إن الشاعر(يعلو) فوق حدث السقوط ذاته – بينما يواصل السقوط – ليتشكل شخصًا أثيريًا يسكن عوالم لغوية ً مفارقة ً نتبينها في (ذاكرة الضوء ، و آلاء الماء ، و أندلس الأين) ... هذا الشخص الجديد/القديم لا يلبث أن ينساق إلى جدلٍ حتميٍّ مع ذاته (الذات الشاعرة) ليذكرها بكل الماضي الذي حاولت الذات أن تنساه في رحلة سقوطها لأعلى ... (لون المقعد / الضرب/ الفرح/الحزن إلخ) ..
نتبين في استرسال التذكر أن هذا الشخص الجديد يذكر تفاصيل موغلة ً في الدقة ..
الشاعر هنا – من خلال تداع ٍ لغويٍّ شكلانيٍّ رائع ٍ حقًا – يشير من طرفٍ خفيٍّ إلى تأذيه من فعل التذكر الحتمي هذا .. فالتفاصيل كما يقول :
" أصغر من أن تذكر .. أصغرُ من أن .. أصغرُ من .. أصغرُ ..... أصغر " ..
هنا ، يصل الـ(ديالكتيك) الثلاثي إلى غايته المحتومة .. كان إنكارٌ في البداية ، ثم غولِبَ من خلال الشخص ِ المفرق المتعالي بإثبات ٍ لكل ما حاولت الذات الشاعرة (أو فلنقل تجليها الأول) أن تنكره ، ثم امتزجا .. أو كما يقول : " تمتزجان ..." ..
ليس هذا فحسب ، و إنما الامتزاجُ يتم مع التفاصيل ذاتها التي حاول الوعي إنكارَها ابتداءا .. : " تفترقان ، يعودُ إليه ، تعودُ لهن " ... الأنثى في تعددها هنا كانت قوية َ الإشارة إلى حضور الأشياء و الأحداث في اللحظة الأخيرة للجدل ، فكأن هذه التفاصيل نساءٌ حقيقيات ٌ يمتزج بهن وعي الشاعر في هذه المرحلة الأخيرة ، قبل أن يبدأ مرحلة ً صراعية ً جديدة ً بأن يفترض تفادي أخطاء الماضي (أنك فاصلة ٌ حيرَى بين السوف ِ و بينَ اللن) ...
لكننا نكتشف عدمية َ هذا الجدل الطويل في هذه اللحظة بالذات ، حيث ُ الفاصلة ذاتها حيرَى لا تعرف إن كانت تقرر المكث أم الرحيل .. هل تتكرر أخطاءُ الماضي أم تتوقف ؟؟!
يتكثف لدينا هذا الإحساسُ بعدمية الجدل في المقطع الأخير من القصيدة ، حيث يتناصُّ الشاعر من قصة (يوسف) عليه السلام ... لماذا يوسف ؟؟
لأن قصته رمزٌ لا يُجحَدُ لكلاسيكية السرد .. الجدلُ فيها يصلُ إلى تصالح ٍ مثمر .. أما هنا ، فنقضُ عناصر قصة يوسف : " مفترضًا أن النسوةَ لم تكبره – أن العيرَ ستطلبك بديلا ً – تملكُ ريحًا تبصرُ أعمى " ، يكثف – كما أسلفنا الإشارة- الإحساس بعدمية كل هذا الجدل ..
القصيدةُ لها جمالـُـها الخاص .. التجربة ُ فـُـصامية ٌ مريرةٌ ، يجرد الشاعر فيها من ذاته ذاتًا مخاطبة ً ، ثم يستكشف من خلالها صراعَه مع محاذير عالمه ، و يستكشف قوانين هذا الصراع ابتداءًا بالإنكار ، ثم الرضوخ (الإثبات الجبريّ) ثم الامتزاج .. و أخيرًا يستكشفُ عدميةَ هذا الصراع حيث يتساءلُ في مرارةٍ قاسيةٍ في النهاية عما يتبقى من صدق اللحظة في عين من يعيشها :
" ماذا يتبقى من صدق اللحظة في العين ؟ " ..
لكنني أتساءلُ عن موقع المرآة المقعرة كعنوان ٍ لهذا الجزء من الديوان .. هل هي الواقع الذي (يُصَغــِّــرُ) تفاصيله في عين من يعيشه ، فيستبدل الشاعر به مرآته الخاصة (المحدَّبَة) التي (تكبرُ) له تلك التفاصيل ؟؟ أفيكونُ غيَّبَ هذه المرآة عمدا ؟؟!
..
2- محاولة أخيرة
يبدأ (مصطفى) من حيث انتهى (درويش) ..!
نعم .. (من سيدفن موتانا) .. ختام قصيدة درويش .. إنها كانت حيرةَ منتم ٍ إلى قضية أمته .. القصيدة كما نعلمُها كانت محاولة ً حائرة ً لإيجاد عروبة ٍ تنفجرُ في وجه الغاصب الذي أتاها من خارجها ... كانت صرخة ً (دَرويشية ً) في وجه الاستكانة (سقطت ذراعُكَ فالتقطها) .. كان يحاولُ إحياءَ الموتى ..
وهكذا انتهى (درويش) ،
ليبدأ من هنا (مصطفى) ..
(مصطفى) يمثل في لحظته التاريخية الراهنة لحظة التسليم بسقوط القضية ..
هكذا يفتتح قصيدته :
" اختر صليبًا و احمل الآلامَ مغتبطًا و سِرْ " .. مات الجمع في لحظة ٍ مفقودة ٍ بين (درويش) و (مصطفى) ، ليبدأ موت الفرد عند (مصطفى) ..
الحرية التي بشَّرَ بها (درويشٌ) في قصيدته (فأنت الآنَ حرٌّ و حرٌ و حرُّ) ، لا يرى (مصطفى) لها بصيصَ نور .. لم يكن هناك بُدٌّ من إعلان حرية ٍ بديلة ٍ ، ينطلق فيها الفرد العربي من ذاته، و لذاته ، و هكذا ينقض شاعرُنا غَزلَ (درويش) في خبثٍ إذ يقول :
" كم أنت مشدوهٌ بحلمكَ ، فابتكر حلمًا تكابدُ فرحَه المرسومَ (أنت الآن حر) " ..
ثم إنه نـُ،كِسَ على رأس شعرِهِ ، فقال :
" أو هكذا سيظن كل الناظريك " .. هل هي حريةٌ حقيقيةٌ تلك التي أبشـِّر بها الإنسان العربي ، بينما أنصحه بالتخلي عن حلمه القديم ؟؟
ثم إن ابتكارَ العلاقة النحوية الجديدة في السطر الأخير ، يُربك المتلقي و يبهرُهُ في آنٍ .. كان المنطق السينطقطيقي (النحوي) Syntactic التقليديُّ يقتضي أن يقول : " كل الناظرين " ، لكنه آثر أن يُعَرِّفَ (ناظرين) – المُعرَّفَةَ بالفعل بالألف واللام- بالإضافة إلى ضمير المُخاطَب (الكاف) .. و كأن لا ناظرين هناك إلا إليك أيها الفرد العربي المنسلخ من قضيته و حُلمه (فقد علــَّـمَنا عبدُ القاهر الجُرجانيُّ في دلائل إعجازه أن في الإضافةِ تخصيصًا لا مناصَ منه) .. أنت وحدَكَ هنا ، تكابد قضيتك الوهميةَ الجديدةَ على رؤوس الأشهاد .. فانظر ماذا تَرَى !!
ما يتلو ذلك في القصيدة التي نحن بصددها ، إن هو إلا تجلياتٌ لهذه الفكرة التي بسطها الشاعر في الفقرة الأولى .. أنت في هذه الفردانية الواهمة لا تملك شهيقَكَ الذي (ربما) كنت تملكه وأنت منتم ٍ إلى الجمع .. ليس أمامَكَ لتواصل وهمَك إلا أن (تسرقَ شهيقًا) ، و تفند أخطاءَ أمتك لتتقنها أنت على فرديتك .. وهنا المفارقة الساخرة .. أنت توحدتَ منذ البداية لتكسب حرية ً جديدة ً ، لكنك لا تملك إلا أن تكرر الأخطاءَ ذاتَها ، و كأن تاريخَ انتمائكَ لعنتـُـك ..
هي المبالغة في الفردانية ، تلك التي تدعوك إلى أن تعزل النصرَ عن مشاركتك في صنعه ، وهكذا فـ " اللهُ غالبْ .. بك أو بدونِكَ لا مفرْ " .. ثم إنه كما يقول الشاعر :
" للبيتِ مَن يحميهِ ، أنتَ الآنَ هالِكْ " ... يستفزك الرجلُ لتفكرَ في الأمر جليًّا .. هل كان اختيارُك الفردانيةَ من البداية هو الحل ؟؟ إنك إذا تركت البيتَ لمن يحميه عنك ، فلت تنجو .. إنك هالك !!
و أخيرًا يتم تبادلٌ تغريبيٌّ رائعٌ للأدوار .. أنتَ تحملُ صليبَك .. أنتَ إنسانٌ ، و صليبُكَ شيءٌ ينكسر .. لكنك تفاجَاُ بنفسك تنكسرُ مكانَ صليبك .. إلى هذا الحَدِّ أصبحت هَــشــَّــا .
3- بروفيل أمامي للوجع :
في تجربة الحب ، تمتزج مستوياتُ الوجودِ التي حدَّثَنا عنها (كيركغَرد) .. فالجماليُ هنا حيثُ الحبيبةُ تجسدٌ للجمال ، و الأخلاقيُّ المجتمعيُّ ، فالعلاقة ذاتُها نوعٌ من أداء الدين المجتمَعيِّ بما هي تواصلٌ مع آخر ، وبما هي كذلك وعدٌ ضِمنيٌّ بإثراء المجتمع بآخرين (من خلال العلاقة الجسدية بالطبع) ، و الدينيُّ هناك أيضًا ، حيثُ يتسامى العاشقُ المصدودُ بعواطفه إلى درجة الوجدِ الإلهي ، و العشق الصوفي لحبيبته ... لهذا السبب ، تلمسنا هذه القصيدة ُ بالتحديد كأول قصيدةٍ في الديوان تعالج موضوعَ الحبِّ المُحبَط .. هذا له علاقةٌ بمضمونها ، بغض النظر عن الشكل .. ففي تجربة الحب ، تتوحدُ كياناتُنا المتشظية ، و تتداخل مستوياتُ وجودِنا ..
هذه مقدمة ٌ ربما لم أكن بحاجة ٍ إلى كتابتها !
العنوانُ يذكرني بلوحات (بيكاسُّو) في مرحلته التكعيبية .. تلك المرأة التي نرى ركنَ عينَها اليُمنى في بروفيلٍ واضحٍ ، و نرى معه عينَها اليسرى كاملة ً في صورة ٍ أمامية .. التكعيبُ تشظية ... تكسيرٌ في بنيةِ الصورة ... وهذا ما يخلقُ الجَدَلَ بين العنوان و القصيدة .. العنوان : حيثُ التشظية .. و القصيدة : حيثُ التوحد .. رُبـَّما استقرَّ في (لاوعي) الشاعر أن يتمرَّد على التجربة وعلى القصيدة من قبل أن يكتبَها ..
الحبيبةُ فرحة ٌ ، طفلة ً تبدو ، كعادتها في شِعر الأسلاف ... و العاشقُ مرتابٌ مدركٌ متعقلٌ للحظته .. كعادته كذلك ! (الريبةُ دون سببٍ مبالغة ٌ في التعقل إذا شئنا الدقة) ..
الحبيبةُ لن تُصغِيَ للشاعر إذا ما أخيرها عن ريبته ، أو لن تفهمه .. لم يُصرِّح لنا بهذا .. لكنـَّـه ترك فضاءًا دلاليًا بين وصفه لحاله و حال حبيبته ، و بين عزمه على الكتابة و الإفضاء إلى الوَرَق ، و كان علينا أن نملأه بهذا الاستنتاج ...
هذا الإفضاءُ لا يستطيعُ ان يقتلَ إحساسَه الوِحدة ، كما يقول لنا : " خفاش الوقت يفتش حولك .. إلى : أم أن الظل استشعر ضعفًا ملءَ الصوت فغاب ؟ " ..
الشاعر يتوسل بسيلٍ من الاستعارات المكنية في الفقرة التالية ، فهو في ركن الغرفة منصهرٌ سائلٌ مسكوبٌ هنالك ، و مصباحُهُ رجلٌ في غرفته يضنُّ عليه بالدفء فيضطر إلى أن يستجديَه ، و هاتفه مثله مثل مصباحه يضن عليه بالرنين ، فيسأله إياه ، و حين يحاصره الإحباطُ من كل هذه الأركان ، يلوذ بداخله سجينًا ، ثم يشكو هذا السجن الاضطراري ..
ثم يرجع إلى نفسه ، فيعاتبها على تعلقها بحبيبة ٍ غير مخلصةٍ في حبها .. ثم يبهرنا بصورة ٍ في غاية الروعة 0 أو هكذا تراءَت لي .. هذه الغانية (في متابعةٍ لخاجس الاستعارة المكنية! ) كفراشةٍ جائعةٍ تأتيه فتمتصُّ رحيقه ، فإذا شبعت تراءت له بذرةً مواتًا ، فلا يملك إلا أن يعاملها بمزيد حنانٍ ، و خشوعٍ (لأنه عاشقٌ في النهاية) ، فيزرعها في كف الرجل الآخر ...
ثورةٌ مُضمرةٌ على ذلك الضعف الذكوري أمامَ (الضعف الأنثوي) ..
" سفـَّـهتَ هواكَ فلا تعتِبْ .. لا يُجدي بالأيامِ عتاب " ..
الفقرة الأخيرةُ ... يُهيبُ الشاعرُ بذاته المضطربة المنقسمة على ذاتها أن تستجمع فواها بالشِّعر ، و تتداوَى به (فتناوَل شعرك قبلَ الأكل) ...
ربما تثجدي نفعًا تلك المقدمة التي صدرنا بها حديثَنا عن القصيدة الآن !!
يحيلُنا الشاعر إلى المستوى الديني الصوفي من وجودنا إذ يتناصُّ مع القرآن في (اخلع نعليكَ لعل الواديَ لا يغلقُ في وجهكَ بابْ) .. إنه الملجأ الأخير ... فالديني الذي تداخل من قبلُ مع الجمالي و الأخلاقي ، لابد له أن يتعالى عليهما الآن ، و يضبطَ التجربة برمتها ..
فهو الملجأ الأخير ...
4 - أحد
المزيدُ من تكريسِ الحزن ، و لَوك الوِحدة ...!
يحدث تبادلٌ للأدوار بين الحانة و الرجل ... وجهه كوبٌ من خمر الأحزان ، وواجهة الحانة تشربه ... إلى هذا الحد التبس أمره بأمر الحانة .. لا تدري أيهما يشرب الآخر ... حزنه رفيقه الوحيد ..
طريقة كتابة القصيدة تفترض صوتًا مهيمنًا ، يفاجئنا بالتدخل بين الفينةِ و الفينة .. ربما هو ركنٌ من الذات الشاعرة ، يشاهد أفعالها و يعلق عليها عندما يكون ذلك مناسبًا .. فتارةً يتجاوب مع اجترار الحزن ، ليعلن عن أزليته ، و تارة ً يلفت انتباهنا إلى خلفيةٍ من صوت (فيروز) في أغنيةٍ حزينة ، و ثالثة ً يستذكر إعجابه بقامة المحبوبة ...
بعدَ لأيٍ ، تبدو هنا اللغة في سطر ٍ جديد ٍ ، حيث يقول الشاعر :
" موحودٌ أنت ببابِ الحانة " .. اسمُ المفعول هنا ذو دلالةٍ نابضة .. فقد كرَّسَ إيحاءًَا قويًا بأن وِحدةَ الشاعر بفعل فاعل .. ليست نابعةً من رغبته .. و لأن اللفظة نادرة الاستعمال كذلك ، فقد زادت قوة الاغتراب الموحَى به هنا ...
ثم إن تداعيَ الذكرى جميلٌ في (والشارعُ أنبوبٌ أسودْ .. يمتدُّ كقامتها في الليل) .. هي هناك في خلفية وعيه .. لا يستطيعُ منها فكاكا ..
لا محيص !
إنه قدره أن يعلن استسلامه التام لذكراها (فلتعلن صعفك .. هزمتك البنتُ اللامعقولة) .. ثم إنها بنتٌ غيرُ قابلةٍ للتكرار كما تفصح الأسطر التالية .. يستعينُ بإعجاز المسيح و يتناصُّ مع مجده ، لكن دون فائدةٍ ، فالأخرى الـ(معقولة) لا تصبح طيرًا حين ينفخ فيها ..
تناصٌّ آخر قرآنيٌّ في قوله : " لا عاصمَ من عينيها اليوم " .. إنها إلهية الحضور تمامًا كما يبدو .. ربما لأنها غيرُ معقولة ، فإننا – بالعودة إلى كيركغَرد- نقرأ أن الإيمانَ الدينيَّ يجب ألا يُؤَسسَ على المنطق العقلي (والأدقُّ أن كيركغَرد يرفض توسيطَ أي شيءٍ بين العابد و المعبود ، ابتداءًا برجال الكنيسة الكثوليكية و انتهاءًا بجدَل (هيغل) / منطقِهِ ، لكن فلنعد إلى صلب أمر القصيدة) .. و لأن البنتَ (لامعقولة) ، فإن حضورَها : ذلك الإلهيّ ...
الركنُ المتسلط- المشاهد في آنٍ – من وعي الشاعر ، يتدخل في الوقت المناسب ليعلن استمرارَ تعلقه بعينيها حين يجيءُ ذكرهما (اللهم احفظ عينيها) .. ثم يتدخل من جديدٍ في (من زمنٍ وهي تشيرُ إليك بلا كلمات) .. حزينٌ لحاله .. حزنٌ على حزنٍ على حزن ..
يغترب الشاعر قرب النهاية عن واقعه ، فيتحول كل ما رأيناهُ إلى مسرح (ربما ليشعرنا بمأساوية الحال و عبثيته في ذات الآن) ، و يسعفه معجم مفردات المسرح (الديكور – المخرج – إظلام يمينك – تسقط بقعة ضوءٍ حولك) ليكثف هذه اللحظة الشعرية ... ثم هو يتململُ و يتأفف مما فعله بفعل المسرحة هذا .. فعندما يتناص مع نفسه في قصائد سابقةٍ له و يخرج السكين و يغرسها في قلبه ، الكل يضحك في المسرح ... حتى فعل التغريب المسرحي الذي التجأ إليه – ربما لينقذ نفسه من حزنها – زاده حزنًا ، فالناسُ لا يتجاوبون معه ...
5 - خدش مؤقت شبه دائم
العنوان - قبل قراءة التجربة - يؤكد اتجاهًا عامًا في عنونة قصائد الديوان .. توجدُ حالةٌ من الارتياب ، تلازم الشاعر منذ البداية ... فالديوان عن شخصٍ يشبهه تمامَ الشبه (لماذا لا يكون هو هو ؟؟!) ، والنافذة (آه .. إنها لا تطل على البحر !!) ، و بروفيل الوجع (يبدو أنه أمامي) ... الرؤى كلها ملتبسة غير واضحة ...
تغريبٌ من نوعٍ آخر يطالعنا في بداية القصيدة ..
فالتناصُّ مع الأخطل الصغير في شطرٍ من قصيدته ، كسر رتابة الموسيقى في البداية ... عندما نكمل القصيدة إلى نهايتها ، نكتشفُ أن هذا الكسر لم نكن لنقبله في منتصف القصيدة مثلاً حيث تتحدد (تيمة) القصيدة حول الحياد الممل/الممتع (حسبما يدعي الشاعر ليدفع عنه السأم) ، وهي الـ(تيمة) التي يؤكدها تكرر تفعيلة البحر الكامل (متفاعلن) إلى النهاية دون وقفاتٍ تذكر (فالقصيدة أقرب إلى القصيدة المدورة التي تتوقف موسيقاها فقط مع النهاية) ... ولذلك ، فهذا التناص المبدئي يغرينا بافتضاض بكارة القصيدة إلى نهايتها لنطـَّـلع على تجليات هذا الحياد العفوي ..
ثم إن الشاعر يبدو مستريحًا لوضعه الحيادي الجديد ، فينتشي و تستبيه بساطة الأشياء وهو خلوٌ من المشاعر ...
لكنه يرتد إلى لب مشكلته عندما يفرغ من استجلاء العالم الجديد ، فـيعود للتفكير :
" و أنت مستلقٍ تفكر : هل ستقنع بانفرادك؟ " ..
انتظار الأنثى ، بعد الخروج من حبائل الأنثى !!
إنها مشكلةٌ ذكوريةٌ أبدية !!!
6 – قيود
ينتهي قسمٌ من الديوان و يبدأ آخر ..
يبدو أننا كنا نتعرف في البداية على الشخص الذي يشبه (مصطفى) تمام الشبه ، لنستمع الآن إلى (أحاديث جانبيةٍ عنه) .. الحديث في (قيود) يغير اتجاهه من المُخاطَب إلى الغائب ...
مشهد الافتتاح .. تراجيديةٌ عتيدةٌ تحكمُ مزاجَ شاعرنا !
إنه يستلهم رواية العظيم (دوستويفسكي) (الإخوة كرامازوف) ليشيرَ إلى مأساة الأخِ المُغَرَّر .. أول حديثٍ جانبيٍّ عنه (شبيه شاعرنا) ، يبرز من ثنايا المأساة الدوستويفسكية ...
الليلُ الكونيُّ العتيد كالمأساة يخيم على المشهد ، فلا تستبين الحقائق .. الأخ المُغَرَّر المصلوب لا يدري أهو على حقٍ أم باطل (أمسيحٌ أم شُبِّهتُ مَسيح؟) ..
المشهد التالي (الثالث) : نرى تغرير الإخوة باغتصاب أختهم ... الصورة الرائعة في (أي سفاحٍ لو يغتصب الجُدبُ الطلا ّ ؟) ..
عَودٌ على بدءٍ في ختام القصيدة .. نرى الإخوة من جديدٍ متحلقين حول أبيهم /ضحيتهم ... (تمتد من اللاصدر نصالُ الفُرقة) ... لم يعد هناك مكانٌ للصدر بكل دفئه .. فالقتَلة يستعدون لتكرار مجدهم ...
7 – هو
نقترب أكثر من شبيه شاعرنا هنا .. كان يجب أن يحدث التنزلُ من الأسطورة الكرامازوفية في القصيدة السابقة إلى الذات المفردة المتعينة في وعي الشاعر هنا ..
جملة الختام : "فوداعًا يا مَن كنتُكَ يوم " .. تحمل هذا القدر من المفاجأة .. يرى نفسه فيعرفها تمام المعرفة ، و يودعها في نهاية اللقاء ، في محاولةٍ لابتداء حياةٍ جديدة ..
8 – كأنه أنا
لا أستطيعُ أن أخفيَ إعجابي الشديد بهذه القصيدة تحديدا .. إنها تنضحُ حقًا بماء الشعر .. يلجمني الإعجابُ بالشيء عن تتبع منابع الجمالِ فيه كثيرا !!
بداية ً ،
الشاعر يتحدث بلسان نفسه الآنَ في مباشرة .. ظهر ذلك أولاً على لسان الأخ المغرَّر في كارامازوف (أقصد : قيود!) ، لكنه الآن أقوى ..
أيضًا هو أقوى في مَضائه الآن ! هو يواجه حبيبته التي باعته بجرأةٍ لم تتجلَّ من قبل ، و يتحداها .. أولُ جملةٍ : " بخسوفِ عينيكِ " .. يبدو أننا بإزاءِ عصرٍ شعريٍّ جديدٍ فيما تبقى من الديوان (أقصد بالنسبة لزمنية الديوان ذاته) .. سيجابه ماضيه بأخرياتٍ قد يتفقن مع الأولى و قد يختلفن معها في طباعهن ..
ثم إنه يصر في النهاية على رسم نفسه من جديد .. هذا و إلا فليكن الموت ..
عذرًا ، فالقصيدة أجملُ من أن تقبل تشريحي المبتدئ ...!
9 – سقوطٌ سريعٌ مؤلم
نرى هنا كيف تؤكد الموجودات للشاعر وِحدتَه .. وهو صانع وِحدته بذاته ، لَم تُفرَض عليه من خارجٍ كما يبدو .. هو الذي يصر على الغروب طريقةً لممارسة وجوده (أو لا وجوده بالأحرى) ، فيلقن الشمس الغروب ..
الشاعر فاجأنا جميعًا و مارس موته بالفعل .. لم تلق الكواكب بالاً لما يحدث و تابعت سيرورتها وسط الحكاية ، لكننا ندرك المصيرَ من سؤال الصغير و جوابها إياه في النهاية .. هو الذي اختار أن ينتهي ..
لقد كان الصقوطُ أسرعَ مما توقعت بالفعل !
10 – دون كي شوت
ينزواطح طواحينَ اليوميِّ هنا .. لا يفتعلُ أوهامًا ولا يخلقُ إفكا .. فقط يجابه ما يحيط به من حجرٍ و بشرٍ ، و كل ما حوله يطلب رحيله .. يطلب أن يتوقف عن الوجود ..
ربما توقف بالفعل (كما يشي بذلك التقاءُ عينيه بخبر موته في الجريدة) !!
وإذا كان هذا هو الحق ، فهو إذًا يناطح بقايا وعيه التي تهيء له أنه مازالَ حيّا ..
هذا الوهي الذي صور له قرب النهاية امرأةً من وهمٍ تحاول أن تاخد مكانه في الصف ...
هل ينجح في انتشال ذاته من وحل الإفناء اليومي الذي تمارسه ضده الحياة ؟؟
هو معلقٌ في نهاية الأمر ... بعض الشواهد تقول : مازالَ موجودا ..
و بعضها يقول : بل توقف عن ممارسة الوجود ..
11 – مصباحٌ كبيرٌ يدوسُ ظِلـَّكَ بِغِلٍّ واضح :
يعود الشاعر لصيغة المخاطَب .. يكابِدُ ندمه على ما جَرَى .. يكابدُ نرجسيةَ الشعراء و إحساسَهم بالإثم ، و يدحضُ مقولاته حين يقول : " و يردُّ قوسَ البابِ صوتُكَ دونما أدنى تناصٍ و النَدَمْ " .. و ظله الذي يلازمه هنا أقربُ ما يكونُ لنصفه الذي يريدٌ تأسيسَ شرعيةٍ لذاته المُضيَّعة ... بينما المصباحُ هو الواقعُ الذي يحياهُ ، و الذي يعتبرُ الشعرَ بضاعةً خاسرةً تستحق من صاحبها الندم ، و الآباء الذين يرفضون اختلافَ الولد (الجالساتُ على المصاطبِ يقتسمن اللمزَ يمصُصنَ الشفاهْ) ... ثم إن ذلك المصباحَ ذاتَهُ لا يلبث يظهرُ لنا كسترٍ دون الولد و الضياع المحقق .. ربما هي جدلية الوهم و الواقع في وعي الشاعر ...
نلمحُ خطأً لغويًا في الفقرة الثالثة من القصيدة حين يضطر الشاعر لنصب الفعل المضارع (تدَّعي) حيث لا ناصبَ هناك !!
في نهاية الفقرة الرابعة ، هناك الاستنتاجُ الأخيرُ في القصيدة (الآن تدركُ ان وحدَكَ ...إلخ) .. تلك النبرةُ الساخرةُ من حالَي المتوحد الغريب : حاله وهو خالٍ إلى نفسه ، و حاله وهو غريبٌ وسط مَن حاولَ أن ينفضَّ إليهم ..
الفقرة الأخيرة تحملُ كلَّ وَجَع القصيدة .. فهذه العدمية قوية اللهجة تستثيرُ سؤالاً أخيرًا في نفس الشاعر عما إذا كانت عدميةً حقةً أم أن هناكَ جدوَى ما قد تكون غائبةً عن تفكيره ...
12 – أحدُهُم لن يضحكَ اليوم :
ربما هو انعكاسٌ للشاعر على الموجودات ... هو مَن لن يضحك اليوم ...!
13 – كموت :
توجد سقطةٌ عَرُوضيةٌ في الصفحة الثامنة و التسعين ، حيث تنكسر تفعيلة (الكامل)
.. و سقطةٌ أخرى تنتمي لنفس المنطق في نهاية الصفحة الثالثة بعد المائة ..
ثم سقطةٌ عَرُوضيةٌ في نهاية الصفحة الثامنة بعد المائة .. ثم سقطةٌ رابعةٌ في الصفحة العاشرة بعد المائة ، تحديدًا في (حين تنعتُهُ حبيبي ....) حيث يبتدئ السطرَ بتفعيلة الرمَل كما يستسيغها الحداثيون (فاعِلاتُنَ) ... ثم يرتد إلى تفعيلة الوافر(مفاعلتن) في الصفحة الحادية عشرة بعد المائة .. لا أدري إن كان هناك منطقٌ لهذا التذبذب العَروضي أم لا ..
14 – لم يَكُن :
فيها كذلك بعض السقطات العروضية .. بسيط مشتبك لكامل ..
15 – تطهر :
رجز مشتبك بكامل في البداية ، ثم كامل .. تشتبك تفاصيل قصائد الديوان هنا ..
أبـِضدها تتميز الأشياءُ ؟؟!
إن كان هذا صحيحًا ، فالنافذة –لابد- تطل على كيان آخر غير البحر ..
ربما يود الشاعر أن يصدم متلقيه منذ البداية ... أنت اعتدت أن يكون معيار جمال النافذة الواقعية هو إطلالها على بحر ٍ ، فسقية ٍ ، حديقة ٍ ، إو إلى آخر هذه المسرات .. لن تجد شيئًا من هذا في نافذتي .. ربما تتطلع من خلالها إلى نفسي أنا .. إلى أناي التي ربما لم تهمك قبل الآن في شيء ..
السقوط للأعلى : تصدير القصيدة بافتراض المستحيل ، يجعل من التحدي أمرًا حتميًا .. فهذا المخاطب الذي جرده الشاعر من ذاته – الساقط لأعلى – يتحدى باتجاه سقوطه قوانين الفيزياء (لعبًا على الدلالة الأولى الواقعية لجملة التصدير) و حدود السجن (الذي لابد يقيد حركة شاعرنا لأعلى .. ربما يكون سجنًا دون إدراك الشاعر لما يود إدراكه أو ربما هو حجابه عن الحقيقة ، فهذه من الدلالات الثواني) ، ثم إنه يتحدى بسقوطه ذاته (بغض النظر عن اتجاهه) دعاء أبيه كذلك ...
ثم إنه خلال فعل السقوط الحر هذا (أكبر دليل ٍ على حريته تحديه لكل هذه المحاذير) ، يتمكن من صوغ الموجودات و الأحداث من حوله حسب رغباته هو ، فيحذف من تاريخه ما يشاء أن يحذفه ، و يشاء أن يعاند نفسه فيعيش هزيمته مرة ً أخرى (و يعيد الخـُـفَّ بأمر ِ حُنين) إمعانًا في اقتناص فرصة التحرر .. و يحول أحزانَه إلى شيءٍ هزليٍّ مضحكٍ يستطيع أن يوزعه على المحيطين به و يلون به بيض شم النسيم !
ثم إن الشاعر(يعلو) فوق حدث السقوط ذاته – بينما يواصل السقوط – ليتشكل شخصًا أثيريًا يسكن عوالم لغوية ً مفارقة ً نتبينها في (ذاكرة الضوء ، و آلاء الماء ، و أندلس الأين) ... هذا الشخص الجديد/القديم لا يلبث أن ينساق إلى جدلٍ حتميٍّ مع ذاته (الذات الشاعرة) ليذكرها بكل الماضي الذي حاولت الذات أن تنساه في رحلة سقوطها لأعلى ... (لون المقعد / الضرب/ الفرح/الحزن إلخ) ..
نتبين في استرسال التذكر أن هذا الشخص الجديد يذكر تفاصيل موغلة ً في الدقة ..
الشاعر هنا – من خلال تداع ٍ لغويٍّ شكلانيٍّ رائع ٍ حقًا – يشير من طرفٍ خفيٍّ إلى تأذيه من فعل التذكر الحتمي هذا .. فالتفاصيل كما يقول :
" أصغر من أن تذكر .. أصغرُ من أن .. أصغرُ من .. أصغرُ ..... أصغر " ..
هنا ، يصل الـ(ديالكتيك) الثلاثي إلى غايته المحتومة .. كان إنكارٌ في البداية ، ثم غولِبَ من خلال الشخص ِ المفرق المتعالي بإثبات ٍ لكل ما حاولت الذات الشاعرة (أو فلنقل تجليها الأول) أن تنكره ، ثم امتزجا .. أو كما يقول : " تمتزجان ..." ..
ليس هذا فحسب ، و إنما الامتزاجُ يتم مع التفاصيل ذاتها التي حاول الوعي إنكارَها ابتداءا .. : " تفترقان ، يعودُ إليه ، تعودُ لهن " ... الأنثى في تعددها هنا كانت قوية َ الإشارة إلى حضور الأشياء و الأحداث في اللحظة الأخيرة للجدل ، فكأن هذه التفاصيل نساءٌ حقيقيات ٌ يمتزج بهن وعي الشاعر في هذه المرحلة الأخيرة ، قبل أن يبدأ مرحلة ً صراعية ً جديدة ً بأن يفترض تفادي أخطاء الماضي (أنك فاصلة ٌ حيرَى بين السوف ِ و بينَ اللن) ...
لكننا نكتشف عدمية َ هذا الجدل الطويل في هذه اللحظة بالذات ، حيث ُ الفاصلة ذاتها حيرَى لا تعرف إن كانت تقرر المكث أم الرحيل .. هل تتكرر أخطاءُ الماضي أم تتوقف ؟؟!
يتكثف لدينا هذا الإحساسُ بعدمية الجدل في المقطع الأخير من القصيدة ، حيث يتناصُّ الشاعر من قصة (يوسف) عليه السلام ... لماذا يوسف ؟؟
لأن قصته رمزٌ لا يُجحَدُ لكلاسيكية السرد .. الجدلُ فيها يصلُ إلى تصالح ٍ مثمر .. أما هنا ، فنقضُ عناصر قصة يوسف : " مفترضًا أن النسوةَ لم تكبره – أن العيرَ ستطلبك بديلا ً – تملكُ ريحًا تبصرُ أعمى " ، يكثف – كما أسلفنا الإشارة- الإحساس بعدمية كل هذا الجدل ..
القصيدةُ لها جمالـُـها الخاص .. التجربة ُ فـُـصامية ٌ مريرةٌ ، يجرد الشاعر فيها من ذاته ذاتًا مخاطبة ً ، ثم يستكشف من خلالها صراعَه مع محاذير عالمه ، و يستكشف قوانين هذا الصراع ابتداءًا بالإنكار ، ثم الرضوخ (الإثبات الجبريّ) ثم الامتزاج .. و أخيرًا يستكشفُ عدميةَ هذا الصراع حيث يتساءلُ في مرارةٍ قاسيةٍ في النهاية عما يتبقى من صدق اللحظة في عين من يعيشها :
" ماذا يتبقى من صدق اللحظة في العين ؟ " ..
لكنني أتساءلُ عن موقع المرآة المقعرة كعنوان ٍ لهذا الجزء من الديوان .. هل هي الواقع الذي (يُصَغــِّــرُ) تفاصيله في عين من يعيشه ، فيستبدل الشاعر به مرآته الخاصة (المحدَّبَة) التي (تكبرُ) له تلك التفاصيل ؟؟ أفيكونُ غيَّبَ هذه المرآة عمدا ؟؟!
..
2- محاولة أخيرة
يبدأ (مصطفى) من حيث انتهى (درويش) ..!
نعم .. (من سيدفن موتانا) .. ختام قصيدة درويش .. إنها كانت حيرةَ منتم ٍ إلى قضية أمته .. القصيدة كما نعلمُها كانت محاولة ً حائرة ً لإيجاد عروبة ٍ تنفجرُ في وجه الغاصب الذي أتاها من خارجها ... كانت صرخة ً (دَرويشية ً) في وجه الاستكانة (سقطت ذراعُكَ فالتقطها) .. كان يحاولُ إحياءَ الموتى ..
وهكذا انتهى (درويش) ،
ليبدأ من هنا (مصطفى) ..
(مصطفى) يمثل في لحظته التاريخية الراهنة لحظة التسليم بسقوط القضية ..
هكذا يفتتح قصيدته :
" اختر صليبًا و احمل الآلامَ مغتبطًا و سِرْ " .. مات الجمع في لحظة ٍ مفقودة ٍ بين (درويش) و (مصطفى) ، ليبدأ موت الفرد عند (مصطفى) ..
الحرية التي بشَّرَ بها (درويشٌ) في قصيدته (فأنت الآنَ حرٌّ و حرٌ و حرُّ) ، لا يرى (مصطفى) لها بصيصَ نور .. لم يكن هناك بُدٌّ من إعلان حرية ٍ بديلة ٍ ، ينطلق فيها الفرد العربي من ذاته، و لذاته ، و هكذا ينقض شاعرُنا غَزلَ (درويش) في خبثٍ إذ يقول :
" كم أنت مشدوهٌ بحلمكَ ، فابتكر حلمًا تكابدُ فرحَه المرسومَ (أنت الآن حر) " ..
ثم إنه نـُ،كِسَ على رأس شعرِهِ ، فقال :
" أو هكذا سيظن كل الناظريك " .. هل هي حريةٌ حقيقيةٌ تلك التي أبشـِّر بها الإنسان العربي ، بينما أنصحه بالتخلي عن حلمه القديم ؟؟
ثم إن ابتكارَ العلاقة النحوية الجديدة في السطر الأخير ، يُربك المتلقي و يبهرُهُ في آنٍ .. كان المنطق السينطقطيقي (النحوي) Syntactic التقليديُّ يقتضي أن يقول : " كل الناظرين " ، لكنه آثر أن يُعَرِّفَ (ناظرين) – المُعرَّفَةَ بالفعل بالألف واللام- بالإضافة إلى ضمير المُخاطَب (الكاف) .. و كأن لا ناظرين هناك إلا إليك أيها الفرد العربي المنسلخ من قضيته و حُلمه (فقد علــَّـمَنا عبدُ القاهر الجُرجانيُّ في دلائل إعجازه أن في الإضافةِ تخصيصًا لا مناصَ منه) .. أنت وحدَكَ هنا ، تكابد قضيتك الوهميةَ الجديدةَ على رؤوس الأشهاد .. فانظر ماذا تَرَى !!
ما يتلو ذلك في القصيدة التي نحن بصددها ، إن هو إلا تجلياتٌ لهذه الفكرة التي بسطها الشاعر في الفقرة الأولى .. أنت في هذه الفردانية الواهمة لا تملك شهيقَكَ الذي (ربما) كنت تملكه وأنت منتم ٍ إلى الجمع .. ليس أمامَكَ لتواصل وهمَك إلا أن (تسرقَ شهيقًا) ، و تفند أخطاءَ أمتك لتتقنها أنت على فرديتك .. وهنا المفارقة الساخرة .. أنت توحدتَ منذ البداية لتكسب حرية ً جديدة ً ، لكنك لا تملك إلا أن تكرر الأخطاءَ ذاتَها ، و كأن تاريخَ انتمائكَ لعنتـُـك ..
هي المبالغة في الفردانية ، تلك التي تدعوك إلى أن تعزل النصرَ عن مشاركتك في صنعه ، وهكذا فـ " اللهُ غالبْ .. بك أو بدونِكَ لا مفرْ " .. ثم إنه كما يقول الشاعر :
" للبيتِ مَن يحميهِ ، أنتَ الآنَ هالِكْ " ... يستفزك الرجلُ لتفكرَ في الأمر جليًّا .. هل كان اختيارُك الفردانيةَ من البداية هو الحل ؟؟ إنك إذا تركت البيتَ لمن يحميه عنك ، فلت تنجو .. إنك هالك !!
و أخيرًا يتم تبادلٌ تغريبيٌّ رائعٌ للأدوار .. أنتَ تحملُ صليبَك .. أنتَ إنسانٌ ، و صليبُكَ شيءٌ ينكسر .. لكنك تفاجَاُ بنفسك تنكسرُ مكانَ صليبك .. إلى هذا الحَدِّ أصبحت هَــشــَّــا .
3- بروفيل أمامي للوجع :
في تجربة الحب ، تمتزج مستوياتُ الوجودِ التي حدَّثَنا عنها (كيركغَرد) .. فالجماليُ هنا حيثُ الحبيبةُ تجسدٌ للجمال ، و الأخلاقيُّ المجتمعيُّ ، فالعلاقة ذاتُها نوعٌ من أداء الدين المجتمَعيِّ بما هي تواصلٌ مع آخر ، وبما هي كذلك وعدٌ ضِمنيٌّ بإثراء المجتمع بآخرين (من خلال العلاقة الجسدية بالطبع) ، و الدينيُّ هناك أيضًا ، حيثُ يتسامى العاشقُ المصدودُ بعواطفه إلى درجة الوجدِ الإلهي ، و العشق الصوفي لحبيبته ... لهذا السبب ، تلمسنا هذه القصيدة ُ بالتحديد كأول قصيدةٍ في الديوان تعالج موضوعَ الحبِّ المُحبَط .. هذا له علاقةٌ بمضمونها ، بغض النظر عن الشكل .. ففي تجربة الحب ، تتوحدُ كياناتُنا المتشظية ، و تتداخل مستوياتُ وجودِنا ..
هذه مقدمة ٌ ربما لم أكن بحاجة ٍ إلى كتابتها !
العنوانُ يذكرني بلوحات (بيكاسُّو) في مرحلته التكعيبية .. تلك المرأة التي نرى ركنَ عينَها اليُمنى في بروفيلٍ واضحٍ ، و نرى معه عينَها اليسرى كاملة ً في صورة ٍ أمامية .. التكعيبُ تشظية ... تكسيرٌ في بنيةِ الصورة ... وهذا ما يخلقُ الجَدَلَ بين العنوان و القصيدة .. العنوان : حيثُ التشظية .. و القصيدة : حيثُ التوحد .. رُبـَّما استقرَّ في (لاوعي) الشاعر أن يتمرَّد على التجربة وعلى القصيدة من قبل أن يكتبَها ..
الحبيبةُ فرحة ٌ ، طفلة ً تبدو ، كعادتها في شِعر الأسلاف ... و العاشقُ مرتابٌ مدركٌ متعقلٌ للحظته .. كعادته كذلك ! (الريبةُ دون سببٍ مبالغة ٌ في التعقل إذا شئنا الدقة) ..
الحبيبةُ لن تُصغِيَ للشاعر إذا ما أخيرها عن ريبته ، أو لن تفهمه .. لم يُصرِّح لنا بهذا .. لكنـَّـه ترك فضاءًا دلاليًا بين وصفه لحاله و حال حبيبته ، و بين عزمه على الكتابة و الإفضاء إلى الوَرَق ، و كان علينا أن نملأه بهذا الاستنتاج ...
هذا الإفضاءُ لا يستطيعُ ان يقتلَ إحساسَه الوِحدة ، كما يقول لنا : " خفاش الوقت يفتش حولك .. إلى : أم أن الظل استشعر ضعفًا ملءَ الصوت فغاب ؟ " ..
الشاعر يتوسل بسيلٍ من الاستعارات المكنية في الفقرة التالية ، فهو في ركن الغرفة منصهرٌ سائلٌ مسكوبٌ هنالك ، و مصباحُهُ رجلٌ في غرفته يضنُّ عليه بالدفء فيضطر إلى أن يستجديَه ، و هاتفه مثله مثل مصباحه يضن عليه بالرنين ، فيسأله إياه ، و حين يحاصره الإحباطُ من كل هذه الأركان ، يلوذ بداخله سجينًا ، ثم يشكو هذا السجن الاضطراري ..
ثم يرجع إلى نفسه ، فيعاتبها على تعلقها بحبيبة ٍ غير مخلصةٍ في حبها .. ثم يبهرنا بصورة ٍ في غاية الروعة 0 أو هكذا تراءَت لي .. هذه الغانية (في متابعةٍ لخاجس الاستعارة المكنية! ) كفراشةٍ جائعةٍ تأتيه فتمتصُّ رحيقه ، فإذا شبعت تراءت له بذرةً مواتًا ، فلا يملك إلا أن يعاملها بمزيد حنانٍ ، و خشوعٍ (لأنه عاشقٌ في النهاية) ، فيزرعها في كف الرجل الآخر ...
ثورةٌ مُضمرةٌ على ذلك الضعف الذكوري أمامَ (الضعف الأنثوي) ..
" سفـَّـهتَ هواكَ فلا تعتِبْ .. لا يُجدي بالأيامِ عتاب " ..
الفقرة الأخيرةُ ... يُهيبُ الشاعرُ بذاته المضطربة المنقسمة على ذاتها أن تستجمع فواها بالشِّعر ، و تتداوَى به (فتناوَل شعرك قبلَ الأكل) ...
ربما تثجدي نفعًا تلك المقدمة التي صدرنا بها حديثَنا عن القصيدة الآن !!
يحيلُنا الشاعر إلى المستوى الديني الصوفي من وجودنا إذ يتناصُّ مع القرآن في (اخلع نعليكَ لعل الواديَ لا يغلقُ في وجهكَ بابْ) .. إنه الملجأ الأخير ... فالديني الذي تداخل من قبلُ مع الجمالي و الأخلاقي ، لابد له أن يتعالى عليهما الآن ، و يضبطَ التجربة برمتها ..
فهو الملجأ الأخير ...
4 - أحد
المزيدُ من تكريسِ الحزن ، و لَوك الوِحدة ...!
يحدث تبادلٌ للأدوار بين الحانة و الرجل ... وجهه كوبٌ من خمر الأحزان ، وواجهة الحانة تشربه ... إلى هذا الحد التبس أمره بأمر الحانة .. لا تدري أيهما يشرب الآخر ... حزنه رفيقه الوحيد ..
طريقة كتابة القصيدة تفترض صوتًا مهيمنًا ، يفاجئنا بالتدخل بين الفينةِ و الفينة .. ربما هو ركنٌ من الذات الشاعرة ، يشاهد أفعالها و يعلق عليها عندما يكون ذلك مناسبًا .. فتارةً يتجاوب مع اجترار الحزن ، ليعلن عن أزليته ، و تارة ً يلفت انتباهنا إلى خلفيةٍ من صوت (فيروز) في أغنيةٍ حزينة ، و ثالثة ً يستذكر إعجابه بقامة المحبوبة ...
بعدَ لأيٍ ، تبدو هنا اللغة في سطر ٍ جديد ٍ ، حيث يقول الشاعر :
" موحودٌ أنت ببابِ الحانة " .. اسمُ المفعول هنا ذو دلالةٍ نابضة .. فقد كرَّسَ إيحاءًَا قويًا بأن وِحدةَ الشاعر بفعل فاعل .. ليست نابعةً من رغبته .. و لأن اللفظة نادرة الاستعمال كذلك ، فقد زادت قوة الاغتراب الموحَى به هنا ...
ثم إن تداعيَ الذكرى جميلٌ في (والشارعُ أنبوبٌ أسودْ .. يمتدُّ كقامتها في الليل) .. هي هناك في خلفية وعيه .. لا يستطيعُ منها فكاكا ..
لا محيص !
إنه قدره أن يعلن استسلامه التام لذكراها (فلتعلن صعفك .. هزمتك البنتُ اللامعقولة) .. ثم إنها بنتٌ غيرُ قابلةٍ للتكرار كما تفصح الأسطر التالية .. يستعينُ بإعجاز المسيح و يتناصُّ مع مجده ، لكن دون فائدةٍ ، فالأخرى الـ(معقولة) لا تصبح طيرًا حين ينفخ فيها ..
تناصٌّ آخر قرآنيٌّ في قوله : " لا عاصمَ من عينيها اليوم " .. إنها إلهية الحضور تمامًا كما يبدو .. ربما لأنها غيرُ معقولة ، فإننا – بالعودة إلى كيركغَرد- نقرأ أن الإيمانَ الدينيَّ يجب ألا يُؤَسسَ على المنطق العقلي (والأدقُّ أن كيركغَرد يرفض توسيطَ أي شيءٍ بين العابد و المعبود ، ابتداءًا برجال الكنيسة الكثوليكية و انتهاءًا بجدَل (هيغل) / منطقِهِ ، لكن فلنعد إلى صلب أمر القصيدة) .. و لأن البنتَ (لامعقولة) ، فإن حضورَها : ذلك الإلهيّ ...
الركنُ المتسلط- المشاهد في آنٍ – من وعي الشاعر ، يتدخل في الوقت المناسب ليعلن استمرارَ تعلقه بعينيها حين يجيءُ ذكرهما (اللهم احفظ عينيها) .. ثم يتدخل من جديدٍ في (من زمنٍ وهي تشيرُ إليك بلا كلمات) .. حزينٌ لحاله .. حزنٌ على حزنٍ على حزن ..
يغترب الشاعر قرب النهاية عن واقعه ، فيتحول كل ما رأيناهُ إلى مسرح (ربما ليشعرنا بمأساوية الحال و عبثيته في ذات الآن) ، و يسعفه معجم مفردات المسرح (الديكور – المخرج – إظلام يمينك – تسقط بقعة ضوءٍ حولك) ليكثف هذه اللحظة الشعرية ... ثم هو يتململُ و يتأفف مما فعله بفعل المسرحة هذا .. فعندما يتناص مع نفسه في قصائد سابقةٍ له و يخرج السكين و يغرسها في قلبه ، الكل يضحك في المسرح ... حتى فعل التغريب المسرحي الذي التجأ إليه – ربما لينقذ نفسه من حزنها – زاده حزنًا ، فالناسُ لا يتجاوبون معه ...
5 - خدش مؤقت شبه دائم
العنوان - قبل قراءة التجربة - يؤكد اتجاهًا عامًا في عنونة قصائد الديوان .. توجدُ حالةٌ من الارتياب ، تلازم الشاعر منذ البداية ... فالديوان عن شخصٍ يشبهه تمامَ الشبه (لماذا لا يكون هو هو ؟؟!) ، والنافذة (آه .. إنها لا تطل على البحر !!) ، و بروفيل الوجع (يبدو أنه أمامي) ... الرؤى كلها ملتبسة غير واضحة ...
تغريبٌ من نوعٍ آخر يطالعنا في بداية القصيدة ..
فالتناصُّ مع الأخطل الصغير في شطرٍ من قصيدته ، كسر رتابة الموسيقى في البداية ... عندما نكمل القصيدة إلى نهايتها ، نكتشفُ أن هذا الكسر لم نكن لنقبله في منتصف القصيدة مثلاً حيث تتحدد (تيمة) القصيدة حول الحياد الممل/الممتع (حسبما يدعي الشاعر ليدفع عنه السأم) ، وهي الـ(تيمة) التي يؤكدها تكرر تفعيلة البحر الكامل (متفاعلن) إلى النهاية دون وقفاتٍ تذكر (فالقصيدة أقرب إلى القصيدة المدورة التي تتوقف موسيقاها فقط مع النهاية) ... ولذلك ، فهذا التناص المبدئي يغرينا بافتضاض بكارة القصيدة إلى نهايتها لنطـَّـلع على تجليات هذا الحياد العفوي ..
ثم إن الشاعر يبدو مستريحًا لوضعه الحيادي الجديد ، فينتشي و تستبيه بساطة الأشياء وهو خلوٌ من المشاعر ...
لكنه يرتد إلى لب مشكلته عندما يفرغ من استجلاء العالم الجديد ، فـيعود للتفكير :
" و أنت مستلقٍ تفكر : هل ستقنع بانفرادك؟ " ..
انتظار الأنثى ، بعد الخروج من حبائل الأنثى !!
إنها مشكلةٌ ذكوريةٌ أبدية !!!
6 – قيود
ينتهي قسمٌ من الديوان و يبدأ آخر ..
يبدو أننا كنا نتعرف في البداية على الشخص الذي يشبه (مصطفى) تمام الشبه ، لنستمع الآن إلى (أحاديث جانبيةٍ عنه) .. الحديث في (قيود) يغير اتجاهه من المُخاطَب إلى الغائب ...
مشهد الافتتاح .. تراجيديةٌ عتيدةٌ تحكمُ مزاجَ شاعرنا !
إنه يستلهم رواية العظيم (دوستويفسكي) (الإخوة كرامازوف) ليشيرَ إلى مأساة الأخِ المُغَرَّر .. أول حديثٍ جانبيٍّ عنه (شبيه شاعرنا) ، يبرز من ثنايا المأساة الدوستويفسكية ...
الليلُ الكونيُّ العتيد كالمأساة يخيم على المشهد ، فلا تستبين الحقائق .. الأخ المُغَرَّر المصلوب لا يدري أهو على حقٍ أم باطل (أمسيحٌ أم شُبِّهتُ مَسيح؟) ..
المشهد التالي (الثالث) : نرى تغرير الإخوة باغتصاب أختهم ... الصورة الرائعة في (أي سفاحٍ لو يغتصب الجُدبُ الطلا ّ ؟) ..
عَودٌ على بدءٍ في ختام القصيدة .. نرى الإخوة من جديدٍ متحلقين حول أبيهم /ضحيتهم ... (تمتد من اللاصدر نصالُ الفُرقة) ... لم يعد هناك مكانٌ للصدر بكل دفئه .. فالقتَلة يستعدون لتكرار مجدهم ...
7 – هو
نقترب أكثر من شبيه شاعرنا هنا .. كان يجب أن يحدث التنزلُ من الأسطورة الكرامازوفية في القصيدة السابقة إلى الذات المفردة المتعينة في وعي الشاعر هنا ..
جملة الختام : "فوداعًا يا مَن كنتُكَ يوم " .. تحمل هذا القدر من المفاجأة .. يرى نفسه فيعرفها تمام المعرفة ، و يودعها في نهاية اللقاء ، في محاولةٍ لابتداء حياةٍ جديدة ..
8 – كأنه أنا
لا أستطيعُ أن أخفيَ إعجابي الشديد بهذه القصيدة تحديدا .. إنها تنضحُ حقًا بماء الشعر .. يلجمني الإعجابُ بالشيء عن تتبع منابع الجمالِ فيه كثيرا !!
بداية ً ،
الشاعر يتحدث بلسان نفسه الآنَ في مباشرة .. ظهر ذلك أولاً على لسان الأخ المغرَّر في كارامازوف (أقصد : قيود!) ، لكنه الآن أقوى ..
أيضًا هو أقوى في مَضائه الآن ! هو يواجه حبيبته التي باعته بجرأةٍ لم تتجلَّ من قبل ، و يتحداها .. أولُ جملةٍ : " بخسوفِ عينيكِ " .. يبدو أننا بإزاءِ عصرٍ شعريٍّ جديدٍ فيما تبقى من الديوان (أقصد بالنسبة لزمنية الديوان ذاته) .. سيجابه ماضيه بأخرياتٍ قد يتفقن مع الأولى و قد يختلفن معها في طباعهن ..
ثم إنه يصر في النهاية على رسم نفسه من جديد .. هذا و إلا فليكن الموت ..
عذرًا ، فالقصيدة أجملُ من أن تقبل تشريحي المبتدئ ...!
9 – سقوطٌ سريعٌ مؤلم
نرى هنا كيف تؤكد الموجودات للشاعر وِحدتَه .. وهو صانع وِحدته بذاته ، لَم تُفرَض عليه من خارجٍ كما يبدو .. هو الذي يصر على الغروب طريقةً لممارسة وجوده (أو لا وجوده بالأحرى) ، فيلقن الشمس الغروب ..
الشاعر فاجأنا جميعًا و مارس موته بالفعل .. لم تلق الكواكب بالاً لما يحدث و تابعت سيرورتها وسط الحكاية ، لكننا ندرك المصيرَ من سؤال الصغير و جوابها إياه في النهاية .. هو الذي اختار أن ينتهي ..
لقد كان الصقوطُ أسرعَ مما توقعت بالفعل !
10 – دون كي شوت
ينزواطح طواحينَ اليوميِّ هنا .. لا يفتعلُ أوهامًا ولا يخلقُ إفكا .. فقط يجابه ما يحيط به من حجرٍ و بشرٍ ، و كل ما حوله يطلب رحيله .. يطلب أن يتوقف عن الوجود ..
ربما توقف بالفعل (كما يشي بذلك التقاءُ عينيه بخبر موته في الجريدة) !!
وإذا كان هذا هو الحق ، فهو إذًا يناطح بقايا وعيه التي تهيء له أنه مازالَ حيّا ..
هذا الوهي الذي صور له قرب النهاية امرأةً من وهمٍ تحاول أن تاخد مكانه في الصف ...
هل ينجح في انتشال ذاته من وحل الإفناء اليومي الذي تمارسه ضده الحياة ؟؟
هو معلقٌ في نهاية الأمر ... بعض الشواهد تقول : مازالَ موجودا ..
و بعضها يقول : بل توقف عن ممارسة الوجود ..
11 – مصباحٌ كبيرٌ يدوسُ ظِلـَّكَ بِغِلٍّ واضح :
يعود الشاعر لصيغة المخاطَب .. يكابِدُ ندمه على ما جَرَى .. يكابدُ نرجسيةَ الشعراء و إحساسَهم بالإثم ، و يدحضُ مقولاته حين يقول : " و يردُّ قوسَ البابِ صوتُكَ دونما أدنى تناصٍ و النَدَمْ " .. و ظله الذي يلازمه هنا أقربُ ما يكونُ لنصفه الذي يريدٌ تأسيسَ شرعيةٍ لذاته المُضيَّعة ... بينما المصباحُ هو الواقعُ الذي يحياهُ ، و الذي يعتبرُ الشعرَ بضاعةً خاسرةً تستحق من صاحبها الندم ، و الآباء الذين يرفضون اختلافَ الولد (الجالساتُ على المصاطبِ يقتسمن اللمزَ يمصُصنَ الشفاهْ) ... ثم إن ذلك المصباحَ ذاتَهُ لا يلبث يظهرُ لنا كسترٍ دون الولد و الضياع المحقق .. ربما هي جدلية الوهم و الواقع في وعي الشاعر ...
نلمحُ خطأً لغويًا في الفقرة الثالثة من القصيدة حين يضطر الشاعر لنصب الفعل المضارع (تدَّعي) حيث لا ناصبَ هناك !!
في نهاية الفقرة الرابعة ، هناك الاستنتاجُ الأخيرُ في القصيدة (الآن تدركُ ان وحدَكَ ...إلخ) .. تلك النبرةُ الساخرةُ من حالَي المتوحد الغريب : حاله وهو خالٍ إلى نفسه ، و حاله وهو غريبٌ وسط مَن حاولَ أن ينفضَّ إليهم ..
الفقرة الأخيرة تحملُ كلَّ وَجَع القصيدة .. فهذه العدمية قوية اللهجة تستثيرُ سؤالاً أخيرًا في نفس الشاعر عما إذا كانت عدميةً حقةً أم أن هناكَ جدوَى ما قد تكون غائبةً عن تفكيره ...
12 – أحدُهُم لن يضحكَ اليوم :
ربما هو انعكاسٌ للشاعر على الموجودات ... هو مَن لن يضحك اليوم ...!
13 – كموت :
توجد سقطةٌ عَرُوضيةٌ في الصفحة الثامنة و التسعين ، حيث تنكسر تفعيلة (الكامل)
.. و سقطةٌ أخرى تنتمي لنفس المنطق في نهاية الصفحة الثالثة بعد المائة ..
ثم سقطةٌ عَرُوضيةٌ في نهاية الصفحة الثامنة بعد المائة .. ثم سقطةٌ رابعةٌ في الصفحة العاشرة بعد المائة ، تحديدًا في (حين تنعتُهُ حبيبي ....) حيث يبتدئ السطرَ بتفعيلة الرمَل كما يستسيغها الحداثيون (فاعِلاتُنَ) ... ثم يرتد إلى تفعيلة الوافر(مفاعلتن) في الصفحة الحادية عشرة بعد المائة .. لا أدري إن كان هناك منطقٌ لهذا التذبذب العَروضي أم لا ..
14 – لم يَكُن :
فيها كذلك بعض السقطات العروضية .. بسيط مشتبك لكامل ..
15 – تطهر :
رجز مشتبك بكامل في البداية ، ثم كامل .. تشتبك تفاصيل قصائد الديوان هنا ..
*****
العزيز محمد سالم صدقني غيرت لفتتك الكريمة الكثير في حالتي المزاجية
دمت لي بخير
03/04/2008
و من الهزل ما شعر
قرأتها من حوالي 3 أو 4 سنوات تقريبًا في جريدة اضحك للدنيا
و أعجبتني فحفظتها لطرافتها
*****
لو وصفتك يا حبيبي
هأوصفك زي الحمير
كنت حاسس بيا دايما
شلت عني هموم كتير
و لا أقولك إنت قطة
كل لما بأروح في حتة
بألقى خطواتك معايا
بألقى إحساسك ورايا
زي لما تكون حصان
بتعاملني كإني فارس
نجري نتحدى الظروف
إنت تاخد دور خروف
مستعد تكون ضحية
أو يكون عمرك هدية
للي حبك ليل نهار
إنت فار دايما تقرقض شبكة الحزن التقيل
إنت فيل
لو شئ منعني - مهما كان - بتروح تشد
إنت قرد
و كل حاجة أعملها بتقلدها تاني
مش أناني و بيا حاسس
وافي و الناس من وفاءك
درسوك جوه المدارس
ألفولك ميت كتاب
و لا أقولك كلمة و احدة
إنت أوفى من الكلاب
محمد أمين
( حد ماعرفهوش للأسف )
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)