30‏/08‏/2013

فقرات من رواية "الشيء" تجربتي الروائية الأولى







هل جربت هذا النوع من الحب الذي لا تعود بعده أنت؟ الذي لا تعود بعده أصلا؟

.....

لعلها الكتابة لعنتي المنتظرة المحتومة.. لعلك أنت.. لعلها هي -حبيبتك الغامضة- دون أن تقصد هي ودون قصد مني كذلك.. لعلني كنت أنا لعنتي التي تسير على قدمين دون أن أعرف.. في النهاية وببساطة وجدتك/ وجدتها فوجدت نفسي وهذا كل ما في الأمر.
أيام مضت لم أستطع دخول غرفتك لم يطاوعني قلبي على رؤيتها دونك، على تشمم عطرك في كل جزء منها دون رؤيتك ممددا على سريرك ترسم أو تخطط لشيئ غامض.. يومها وجدتني أسير كأن نداء خفيا يسوقني.. نمت على سريرك، مررت اصبعي على مكتبك، عبثت في الأدراج، الأخير مغلق، صوت رضوخه لي بعد عدة محاولات بسكين المطبخ، أوراق.. صور.. أوراق.. أوراق.. رسوم.. شرائط.. لا أدري لماذا قررت خلع الدرج لكنني فعلت لأجد مفكرتك نائمة في استكانة.. بخط مرتعش كأن صاحبه يهرب من موت ما قرأت بالصفحة الأولى " نحن أبناء المصادفة شاكرين صنيعها أو ناكرين لما قدمت.. " فكانت البداية.

.....

هل حكيتُ لك عن عادل؟
بعد غيابك المفاجئ، كلسان لهب نحيل ظهر عادل وكأنه ظهر من تلقائه، كفراشة تعرف دورها تماما توجهت إليه دون إرادة مني .. لا أتذكر من منا بدأ ربما نحن انغمسنا تماما في بعضنا البعض أو لتقل انزلقنا على جرف رطب لنسقط سويا في بركة الحب منهكين نهمين حرين تماما، خفيفين كريشة في الريح، أرى العالم من خلال عينيه وهو يرسمني حروفا تروقني دائما.. كان دافئا وهذا كل ما في الأمر.. هل يزعجك ذلك؟ هل يجرحك اعترافي؟ يخجلك؟ يؤلمك؟
كان يطهوني بصبر طاه محترف يعدّ كل خلية له يملؤها بعطره حتى صارت متأهبة شاكرة لصنيعه المنتظر
- هل يمكنني؟
- لا أعرف..
هذا كل ما في الأمر..
عندما لم يجد دليلا على كونه الأول اندهش ثم تنامت دهشته لفرحي بذلك.. لعله لم يفهم سر سعادتي، لن يفهم كم حافظتُ بدأب على شيء ليس موجودا من الأصل لن يفهم كمَّ خوفي من كل يد لن يفهم ما نسجه خيالي حوله/ حول كل مقترب.. لن يفهم و لذلك لم أخبره. شغلني الأمر بعدها ليوم أو ليومين لعله خالك سعيد في إحدى زياراته أو أبو سامح البقال الخبيث أو أي عابر مر بجنتي وأنا طفلة لا أعي من الدنيا غيرك والحلوى. تعرف لم يشغلني ذلك بقدر ما شغلني كيف لا أتذكر شيء كهذا؟ بعد يومين أقمت حفلا أقنعته أنه لمرور ستة أشهر على حبنا، وافق رغم تشككه، لم يكن ليفهم أنه احتفالا بتحرري من اللا شيء.
كنا نعيد ترتيب الكون كما نرى/ كما يجب. نساهم في إعادة رسمه بطريقة ملائمة بعدما أنهكه ما فعله البشر على مر العصور.. نرسمه بشوشا رائقا شاكرا للحظ والعابرين أو بقالا يونانيا ينظر بفخر لما صنعه بيديه فلا يبيع إلا لمن يعجبه، فتاة يُخجل البحر عريها فتتدثر بالسماء و تجري فتتساقط النجوم من ظلها الفضفاض.. تعرف لقد استطاع أن يشغلني عنك! ولكن كيف ستعرف و أنت لم تعرفه لم تملأ رئتيك من رائحة جلده الرائقة لم تتلمس طريقا في عينيه إلى الخلود لم تجد بيديه دفء وطن، هو كذلك لم يعرف فاستطاع أن يخبو بخفة تاركا الفراغ. التفاصيل عادية كتفاصيل أية قصة فاشلة.. أنا أرى بينما أنت ترين.. هذا أفضل لكلينا.. ستجدين غيري.. ثم اختفى.. سألت كل أصدقائه، فتشت كل مكان زرناه سويا، ذهبت إلى بيته وطردتُ، بكيتُ، صليتُ، دعوتُ، لعنتُ ولم أجده.. نعم هو كذلك اختفى بغتة ودون أسباب مثلك تماما، يبدو أن كل من أحبهم يختفون بغتة ودون أسباب واضحة -على الأقل لي-.. محاولتان فاشلتان لجلب الموت هما كل ما جنيت فقررت العودة إلى البيت مجددا.
نسيت أنك لا تعرف أنني تركت المنزل.. إذن لنعد للبداية.

.....

هل جربت هذا النوع من الحب الذي لا تعود بعده أنت؟ الذي لا تعود بعده أصلا؟

.....

صدمتني الجملة.. أنستني ثلاث ليال من القراءة، من الأنفاس المتسارعة كأنني أعدو خلفك، كل فاصلة بحر باسم كبحار أفلام الكارتون وكل هامش شراع مسافر.. قرأتك من أعلى لأسفل ومن اليمين لليسار ذهبت مع كل سهم وإشارة فعدتُ بي.. هل أحببتها كل هذا الحب حقا؟ هل عدت غيرك؟ لم تعد؟
لثلاث ليال أخرى كنت أكتب لك.. هل تصدق كومة القش تكتب!! كومة القش -كما تناديها- تمسك قلما لتكتب ما لن يساعدها على دخول كلية الطب أو النجاح في امتحان الأحياء!
في الليلة الرابعة من الكتابة بكيت ومزقت كل ما كتبت وعدت للبحث عنك بين سطورك.
أرتشف ما تكتب أحفر ملامحها تحت جلدي.. إذا لم يكن لي قدر لتكن هي قدري لتكن أنا الأخرى التي لم أعرفها إذن!

.....

هل جربت هذا النوع من الحب الذي لا تعود بعده أنت؟ الذي لا تعود بعده أصلا؟

.....

بعد رحيلك تغير كل شيء، جدتك زادتها الصدمة أعواما فوق أعوامها حتى صارت كتينة عجوز عف الطير عنها فبقت شاهدا على أعوام مضت، لم يعد يربطها بالحياة سوى جذور ضاربة في الأرض صارت في المنطقة الرمادية بين العقل والجنون تشعر بك توقن برجوعك تبكي فلا يوقف نشيجها سوى التماس صوت خطو قادم عساه يكون أنت.. أمك اتشحت بالسواد وبصمتها الجازع وانزوت وحدها في ركن البيت أبوك لم يكن أفضل حالا بعد ستة أشهر نزلت أمك ولم تعد فازداد أبوك انطواء كان يخرج مع خيوط الصباح الأولى ويعود في آخر الليل متعبا يبحث عن سريره حتى اختفى هو الآخر بلا مقدمات.. كل هذا وأنا أرقب ما يحدث شاردة لا أتداخل في أحداثه كأني أراه من خلف لوح زجاجي سميك يفصلني عن الانغماس فيه والتأثر به. ذات صباح قررت الهروب من كل شيء لم يكن هناك ما أو من يمنع ذلك.

.....

قبل أن تغلق بابا خلفك لا بد أن يكون غيره مفتوحا وملائما.. دائما هناك باب آخر في الانتظار فابحث حولك جيدا.

.....

لبنى رحبت وكذلك زوجها فأخذتني خطواتي إلى هناك كانت لطيفة تحلم بطفلهما القادم، تعلق الأمل على حبال الغسيل بعد غسله جيدا لتمنع شماتة الجارات وعائلة زوجها الممتعضة منها دائما دون سبب واضح، زوجها كان لطيفا كريما احتوى فكرة أن ينام تحت سقف واحد مع امرأتين بشيء من التحرج في البداية وكثير من المود بعد ذلك، لم يكن هنالك متسع لي غير أريكة صغيرة في غرفة المعيشة. كان الأمر مقبولا حتى صحوت على صوت تأوه خافت فوجدته جالس بجواري على ذات الأريكة يشاهد فيلما ما ويعبث بنفسه بينما زوجته تغني وهي تأخذ حمامها الصباحي، أن تكون امرأة يعني أن تفكر في ردة فعلك مئات المرات أن تختار أجبن الحلول أو تقنع بالصمت لذلك فضلت الصمت وتصنع النوم.. بعدها بيومين كنت بشقة سالي فلم يكن هنالك باب مفتوح سوى بابها، لطيفة هي وحيدة لا يؤنس وحدتها إلا كلبتها الصغيرة وزيارات صديقها الوسيم بين وقت وآخر.. تحرري هو كل ما قالته أو كل ما أتذكره من كلامها للدقة وهو ما كان بوصلتي للقادم.. بالطبع لا تحتاج أن أوضح لك أنني وجدت عملا ما أو لنقل عدة أعمال مجتمعة للحصول على مال كاف.. سالي مصممة أزياء ذات شهرة معقولة جميلة بمسحة جنسية لا تخطئها عين ربما شككت في أمرها مرة أو مرتين إذ طالت لمستها أو اقتربت شفتيها من شفتي أكثر مما ينبغي لكنها كانت لطيفة مؤمنة بحد الأمان من الحرية الشخصية، بعد أسبوع وجدتها في الصالة في حضن رجل غير صديقها, قامت بهدوء أحمد صديقي، بعدها بقليل صار سالم، مروان..إلخ فقررت البحث عن باب آخر.

ترى أي باب أنت خلفه الآن؟


ليست هناك تعليقات: